الجمعة، 6 فبراير 2009

شفرة سيدِ القلوبِ



القصيدة الفائزة بالمرتبة الثانية في مسابقة ديوان العرب / الشعر الحر لعام ٢٠٠٧



يَا سَيِّدِي يَا دُرَّةَ المِشْكَاةِ يَا قَمَرِي
الجَلِيلْ

مُتَشَظِّيًا آتِيكَ مِنْ خَلْفِ النَّوَافِذِ
لابسًا دُثُرَ اللُّبَابِ

لَعَلَّنِي أَلْقَاكَ مُؤْتَلِقًا بأَمْجَادِ انْعِتَاقِكَ مِنْ سَمَائِكَ

كَيْ تَرَى شَعْبَ الثَّرَى

فَاليَوْمَ عِيدْ

وَأَنَا أَنَا مَا زِلْتُ عُصْفُورَ السَّدِيم ِ وَلَمْ يَزَلْ طَوْدُ انْدِهَاشِي

شَامِخًا بدُرُوبهِ وَمَفَاوِزِهْ

وَأَنَا أَنَا مُتَقَنْفِذًا مَا زِلْتُ أَحْبُو فَوْقَ رَمْل ِ الأُحْجيَةْ

وَرَصِيدُ أَيَّام ِ الصِّبَا حَصّالَةٌ مُلِئَتْ بِعُمْلاتِ السُّؤَالِ عَلَى
اخْتِلافِ وُجُوهِهَا ..

أَوَّاهُ يَا سَكَنِي الْحَبيبْ

مَازِلْتُ أَذْكُرُ أَنَّنِي يَوْمًا قَرَأتُ مُتَيَّمًا بَانَتْ سُعَادُ [1]
فَأَيْنَعَتْ لَمَّا تَبَسَّمَ ثَغْرُكُمْ

هَذِي الصَّحَارَى وَاحْتَوى السِّحْرَ الشَّفَقْ

وَتَفَجَّرَتْ مِنْ سَلْسَبِيل ِ الإصْبَع ِ النَّبَوَيِّ أَنْهَارٌ
مُقَطَّرَةُ الرُّضَابْ

وَتَنَعَّمَ الرُّعْيَانُ بِالفَيْضِ الرَّسُولِيِّ الكَرِيمْ

أَوَّاهُ يَا سَكَنِي الحَبيبْ

دَارَتْ أَرَاجِيحُ الزَّمَانِ وَأَحْرَقَتْ نَارُ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ
جَنَّتِي

وَتَبَخَّرَ النَّهْرُ الْكَبِيرُ وَعُودُ مِسْكِكَ قَدْ طَوَاهُ الإنْسِحَاقْ

وَأَنَا هُنَا فِي حَالَةِ الرَّصْدِ الْعَقِيم ِ أَرَى

وَفَاةَ الخُضْرَةِ الحَسْنَاءِ مَا قَدْ كَانَ غَابَ

وَمَا تَبَقَّتْ مِنْ فَرَادِيس ِ الأَمَاسِي غَيْرَ صَحْرَاءٍ
مُفَخَّخَةِ المَسَالِكِ والوُجُوهْ

ضَاعَتْ سُعَادُ وَإنْ هَتَفْتُ بذِكْرِهَا

صَلَبُوا بذِكْرِكَ خَافِقِي

( يَا كَعْبُ [2] فَلْتَعْزفْ لَنَا هَذَا النَّغَمْ

لَعِبُوا بنَا كُرَةَ القَدَمْ

وَ الْجُلَّنَارُ عَلَى شِفَاهِ الحُسْن ِ أَضْحَى كَاللَّغَمْ

كَافَحْتُ حُبَّكَ يَا حَبيبي كَيْ ُأريحَ وَأَسْتَريحَ مِنَ السَّقَمْ

كَافَحْتُ حَتَّى دَاهَمَتْنِي لَذَّةُ الأَشْوَاق ِ وَاخْتَلَطَ انْتِشَائِي بِالأَلَمْ

رُحْمَاكَ مَا أَبْهَى انْبِلاجِك عَبْرَ ذَيَّاكَ الخِضَمْ)

رُحْمَاكَ مَا

رُحْمَاكَ مَا أَشْقَى اصْطِدَامِي حِينَ أَصْحُو يَا أَبِي

لأرَى مَوَاقِيتَ الفُصُولِ تَغَيَّرَتْ

لأحِسَّ وَخْزًا مِنْ دَبَابيس ِ العَذَابِ يُرِيقُ دَمْعَ أَنَامِلِي

لتُطِلَّ مِنْ خَلْفِ الغُيُوم ِ بَرَامِجُ التَّحْفِيز ِقَائِلَةً كَضِرْغَام ٍتَقَدَّمْ

وَاخْرُجْ إلَيْهمْ كَيْ تُحَطِّمَ ذَلِكَ الطَّقْسَ الرَّدِيءْ

وَدَعْتُ مُعْتَكَفِي وَقُلْتُ لِصَاحِبي

أَطْلِقْ جِيَادِي مِنْ مَخَابئِهَا وَجَهِّزْ حَرْبَتِي

فَالشًّعْبُ يَصْرُخُ طَالِبًا مِنِّي المَسِيرْ

لا تَرْتَجفْ ..عَصْرُ الطَّوَاحِين ِانْتَهَى [3]

وَسُيُوفُ - آرْثَرْ - فِي يَدِي [4]

يَا أَيَّهَا الفُرْسَانُ هَذِى المَائِدَةْ

فَضَعُوا السُّيُوفَ عَلَى السُّيُوفِ يُضِيءُ
كَأسُكُمُ المُطَهَّرْ [5]

رُحْمَاكَ مَا أَشْقَى اصْطِدَامِي حِينَ أَصْحُو يَا أَبي

يَا أيَّهَا الفُرْسَانُ أَيْنَ سِلاحُكُمْ

يَا سَيْفَ - آرْثَرْ - فَلْتَعُدْ لِفُؤَادِهِ مَزِّقْ هَوَاهُ وَقُلْ لَهُ

(مُتْ ظَامِئًا يَا بْنَ البَتُولْ

أَسْيَافُ فُرْسَانِ الرَّغَام ِ [6] لِكُلِّ دِينَار ٍ تَمِيلْ)

سَكَنِي الحَبيبْ

(عِشْ نَقْشَ عِشْق ٍ كَهْرَمَانِيَّ الخُطُوطِ بِكُلِّ حَانُوتٍ صَغِيرْ

عِشْ كَيْ تَرَى مَا يَفْعَلُ الأحْفَادُ بِالسِّبْطِ الأَسِيرْ)

( يَا كَعْبُ فَلْتَعْزِفْ لَنَا هَذَا المُخَدِّرْ

سَيْرُورَةُ الإِحْبَاطِ عَالَمِيَ المُقَدَّرْ

وَضُلُوعُ كَهْل ٍفِي ضُلُوعِي وَالمَدَى رَمْزٌ مُسَيَّرْ

هَلْ أَنْتَ تَخْتَارُ الرَّدَى ؟؟!!

عَفْوًا فَفِيهِ الكُلُّ مُجْبَرْ)

يَا كَعْبُ عُذْرَا …

النَّصُّ مُحْتَاجٌ لِتَعْدِيل ٍ بَسِيطْ

الرَّاضِخُونَ لَهُمْ فَضَاءُ الاخْتِيارِ ِ الهَامِشِيْ

(إِنَّا هَدَيْنَاكَ السَّبيلْ

إمَّا الرَّضاء َ أو القبول !!)

وَالرَّافِضُونَ لَهُمْ عَذَابَاتُ الجَحِيمْ

تَبًا لإبْلِيس ٍ أبينَا إِذْ يُزَيِّنُ لِلعُيُونِ جِمَارَ مَمْلَكَةِ الجَحِيمْ

إنِّي رَأَيْتُ جِمَارَهَا رَوْضًا رَبِيعِيّا يَلُوذُ بِهِ الْحَيَارَى

كَثَّفْتُ أَنْظَارِي تَآزَرَ جَمْرُهَا أضْحَى سعادَا

ألْقَمْتُهَا حَبَّاتِ سِرِّي رَنَّمَتْ لَحْنَ البُكُورِ ِ وَأَطْلَقَتْ مِنْ
زَعْفَرَانِ إهَابهَا

سِرْبًا يَمَامِيًّا ألِيفَا

يَا أيَّهَا النَّاجُونَ مِنْ هَوْلِ الهَوَى

أنْبيكُمُوا بخَبيئَتِي

إنِّي بُدَائِيٌّ أرَادَ وَحِينَهَا اخْتَارَ المَمَاتَ/ الصَّحْوَ
فَوْقَ جَنَاحِهَا

مُسْتَأنِسًا بِفَحِيح ِ زَقوم ِ الغِوَايَةِ واللَّظَى

وَلَقَدْ سَمِعْتُ نِدَائَهُ

يَا نَارُ كُونِي بَرْدَهُ وَسَلامَهُ

ذَاكَ المُسَالِمُ قَدْ تَشَرَّبَ حِكْمَتِي

فَتَطَامَنَتْ أنْفَاسُهُ لِنُبُؤَتِي

يَا أَيَّهَا المُتَيَبسُونَ لَكَمْ عَوَالِمُكُم وَلِي أَنَا عَالَمٌ

أرْكَانُهُ مَاءُ الحَيَاةِ وَأَهْلُهُ هُمْ إِخْوَتِي

نَتَقَاسَمُ الخُبْزَ المُسَافِرَ فِي جَوَانِحِنَا وَيُسْكِرُنَا النَّبيذُ البكْرُ
يُغْرينَا
فَنَرْكُضُ فِي مَدَارَاتِ البَرِيقْ

لِي عَالَمِي وَلَكُمْ عَوَالِمُكُمْ فَقُولُوا

جُنَّ إنِّي مُفْرَدُ عَنْكُمْ تَنَزَّهَ بالجُنُونْ

قَلْبي سُنُونُوَةُ الصَّبَاح ِ مُهَاجِرٌ عَبْرَ القُرُونِ زَمَانُهُ لُغْزٌ
وَإنَّ وُجُودَه فِي المَاء ِأُقْنُومُ البُدُوءِ [7] وَ خُلْدُهُ و فَنَائُهُ
وَهْمٌ مُحَالٌ وَالقَطِيعَةُ بَيْنَهُ وَالمَاءِ لَغْوْ


وَاليَوْمَ عِيدْ

مَازَالَ قَلْبي فِي انْتِظَار ِ مُعَلِّلِي

بالكَادِ يَقْتَنِصُ الشُّعُورَ بوَمْضِهِ

فِإذَا تَجَلَّى عَبْرَ بَلُّور ِ المَرَايَا طَيْفُهُ

عَادَتْ لَهُ آمَالُهُ فَأعَادَ مَلْحَمَةَ الرَّجَاءِ مُنَادِيًا

جِنِّيَةَ الأسْرَار ِفُكِّي طَلْسَمِي

يَا أيُّهَا الشَّبَحُ المُوكَّلُ بالفَتَى

أبْطِلْ تَعَاوِيذَ الليَالِي الأَلفِ وَامْحَقْ كُلَّ أقْنِعَةِ الدُّجَى

يَا سَاكِنِي أوْحَشْتَنِي يَا طَائِرًا تَسْبيحُهُ

قَدْ جَابَ مَمْلَكَتِي فَكَانَ ضَمِيرَهَا

فَمَتَى وَأيْنْ ؟؟

( يَا كَعْبُ رَجِّعْ لَثْغَ سُبُّوح ٍخُرَافِيِّ الصَّدَى

فِي البَدْء ِ كَانَ المَاءُ للْعَرْش ِ المِهَادَ وَظَلَّ إلهامَ النَّدَى

فِي البَدْء ِكَانَ فَكُنْ لَبيبًا وَاغْسِل ِالأغْصَانَ مِنْ نَبْع ِ
الوُضُوء ِ

تَشُفُّ جَوْهَرَةُ الزُّهُور ِ

يَكُونُ مَضْمُونُ النِّهَايَة ِ

رَائِقًا

وَمُقَدَّسًا

كَالمُبْتَدَا …….)

حواشي

[1] إشارة إلى البيت الشهير

بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ مُتيَّمٌ إثرها لم يفد مكبولُ

وهو مطلع قصيدة البردة التى أتى بها كعب بن زهير بن أبي سلمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلمًا وتائبًا عَمَّا كان منه من هجاء للمسلمين ……. المصدر (سيرة بن هشام )
[2] هو كعب بن زهير بن أبي سلمى ناظم البردة ( المصدر السابق)
[3] إشارة إلى طواحين الهواء في قصة دون كيشوت
[4] الملك آرثر (بالإنكليزية: King Arthur) أحد أهم الرموز الميثولوجية في بريطانيا حيث يمثل الملكية العادلة في الحرب والسلم، ويشكل الشخصية المحورية في دائرة الأساطير المعروفة باسم الحالة البريطانية
[5] المائدة المستديرة فى أسطورة الملك آرثر
[6] الرَّغام : التراب ….( المصدر /المعجم الوجيز)
[7] أقنوم : أصل
البدوء : جمع البدء ( المصدر : المعجم الوجيز )

هناك تعليقان (2):

  1. الفاضلــ
    ماذا عساى أن أقول امام هذا كله

    لقلمك ورده ولشخصك الطيب وردتان

    استاذنا الفاضل ندعوك لزياره هذا الوطن المتواضع
    ومشاركتنا فى بناؤه
    الطريق من هنا
    http://hayth.ba7r.org/forum.htm
    ووافر الحب والاحترام

    ردحذف
  2. جميل شعرك يا أحمدن لديك تركيبات شعرية جميلة وجديدة
    تزاوج بين المفردات بشكل رائع
    أهنئك علي القصيدة
    أحمد جاد سوهاج طهطا
    al_amir7000@yahoo.com

    ردحذف